فصل: الباب السادس عشر : فيما أوله طاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


*2*  الباب السادس عشر فيما أوله طاء

2263- طَوَيَتُهُ عَلَى بِلاَلِهِ، و‏"‏عَلَى بُلُلَتِهِ‏"‏‏.‏

البِلاَل‏:‏ جمع بُلَّة، مثل بُرْمَة وبِرَام يقال‏:‏ ما في سقائك بِلال، أي ماء، قال الراجز‏:‏

وَصَاحِبٍ مُرَامِقِ دَاجَيْتُهُ * عَلَى بِلاَلِ نَفْسِهِ طَوَيْتُهُ

ويقال‏:‏ طويت السقاء على بُلَلَتِهِ، إذا طويتهُ وهو نَدِيٌّ، لأنك إن طويته يابساً تكسر، وإذا طوى على بلَّته تعفَّن، وصار مَعيباً‏.‏

يضرب للرجل تحتمله على ما فيه من العيب، وداريته وفيه بقية من الود، وقال‏:‏

ولقد طَوَيْتُكُمُ عَلَى بُلُلاَتِكُمْ * وعَلِمْتُ ما فيكُمْ من الأذْرَابِ

فإذَا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قَاطِعاً * وإذَا الَمَودَّةُ أقْرَبُ الأنْسَابِ

الأذراب‏:‏ جمع ذَرَبٍ، وهو الفساد، يقال‏:‏ ذَرِبَتْ معدتُه، إذا فسدت‏.‏

وقيل‏:‏ قدم أعرابي على نصر بن سيار، فقال‏:‏ أتيتك من شُقَّة بعيدة أحْفَيْتُ فيها الركاب، وأَخْلَقْتُ فيها الثياب، وقرابتي قريبة، ورَحِمِي ماسَّة، قال‏:‏ وما قرابتك‏؟‏ قال‏:‏ ولَدَتْني فلانة، قال‏:‏ رحم عودة، قال‏:‏ إنما مَثَلُ الرحم العودة مثل الشنَّةِ البالية مُلْقَاة لا ينتفع بها، فإذا بُلَّت انتفَعَ بها أهلُها، فكذلك قرابتي إن تبلَّها تقربْ منك، وإن تقطَعْهَا تبعدْ عنك، قال‏:‏ لله أنت، ما تشاء ‏؟‏قال‏:‏ ألف شاة ربَّى ومائة ناقة أبَّى، فأعطاه إياها‏.‏ ‏[‏ص 429‏]‏

2264- طاَرتْ بِهِمِ الْعَنْقَاءُ‏.‏

قال الخليل‏:‏ سميت عنقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطَّوْق، ويقال‏:‏ لطولٍ في عنقها، قال ابن الكلبي‏:‏ كان لأهل الرسِّ نبي يقال له‏:‏ حَنْظَلة بن صَفْوَان، وكان بأرضهم جبل يقال له دَمْخ مَصْعَدُه في السماء مِيل، وكانت تَنْتَابُه طائرة كأعظم ما يكون لها عنق طويل، من أحسن الطير، فيها من كل لون، وكانت تَقَعُ منتصبة، فكانت تكون على ذلك الجبل تنقَضُّ على الطير فتأكله، فجاعت ذاتَ يوم وأَعْوَزَتِ الطير فانقضَّتْ على صبي فذهبت به، فسميت‏:‏ ‏"‏عَنْقَاء مُغْرِب‏"‏ بأنها تغرب كل ما أخذته ثم إنها انقضَّتْ على جارية فضَمَّتها إلى جناحين لها صغيرين ثم طارت بها، فشكَوْا ذلك إلى نبيهم، فقال‏:‏ اللهم خُذْهَا، واقْطَعْ نَسْلَها، وسَلِّطْ عليها آفة، فأصابتها صاعقة فاحترقت، فضربتها العربُ مثلا في أشعارها وأنشد لعنترة بن الأخرس الطائي في مرثية خالد بن يزيد‏:‏

لقد حَلَّقَتْ بالجود فَتْخَاُء كَاسِر * كفَتْخَاء دَمْخ حَلَّقَتْ بالَحْزَوَّرِ

2265- طَالَ الأبَدُ عَلَى لُبَدٍ‏.‏

يعنون آخِرَ نسور لقمان بن عاد، وكان قد عُمِّر عُمْرَ سبعة أنسُر، وكان يأخذ فَرْخَ النسر، فيجعله في جوبة في الجبل الذي هو في أصله، فيعيش الفرخُ خمسائة سنة أو أقل أو أكثر، فإذا ماتَ أَخَذَ آخَرَ مكانه، حتى هلكت كلها إلا السابع أَخَذَه فوضعه في ذلك الموضع، وسماه لُبَداً، وكان أطولَهَا عُمْراً، فضربت العربُ به المثلَ فقالوا‏:‏ طال الأبَدُ على لُبَد، قال الأعشى‏:‏

وأَنْتَ الَّذِي أَلْهَيْتَ قَيْلاً بكاَسِهِ * ولُقْمَانَ إذ خَيّرْتَ لُقْمَانِ فيِ الْعُمِرْ

لِنَفْسِكَ أن تختار سَبْعَةَ أَنْسُرٍ * إِذَا مَا مَضَى نَسْرٌ خَلَوْتَ إلى نَسْرِ

فَعُمِّرَ حتَّى خَالَ أنَّ نُسوُرَه * خلُودٌ، وَهَلْ تَبْقَي النُّفُوسُ عَلَى الدَّهْرِ‏؟‏

فعاش لقمان - زعموا - ثلاثَةَ آلافٍ وخمسمائة سنة، قال النابغة‏:‏

أََخْنَي عليها الَّذِي أَخْنَى على لُبَدِ*

وقال لبيد‏:‏

ولقد جَرَى لُبَدٌ فأدْرَكَ جَرْيَهُ * رَيْبُ الَمُنونِ وَكاَنَ غَيْرَ مثقَّلِ

لَمَّا رَأَى لُبَدُ النسورَ تَطَايَرَتْ * رَفَعَ الْقَوَادِمَ كالْفَقِيرِ الأعْزَلِ

مِنْ تَحْتِهِ لُقْمَانُ يَرْجُو نَهْضَهُ * وَلَقَدْ يَرَى لُقْمَان أن لا يأتَلِي

قال أبو عبيدة‏:‏ هو لقمان بن عاديا بن لجين بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن ‏[‏ص 430‏]‏ نوح، كأنه جعل عادياً وعاداً اسمَيْ رجلٍ، والعربُ تزعم أن لقمان خيِّرَ بين بقاء سَبْع بَعَرَاتٍ سُمْر، من أَظْبٍ عُقْرٍ، في جَبَل وَعْر، لا يمَسُّها القَطْر وبين بقاء سَبْعَة أنْسُرٍ، كلما هلك نسر خلف بعده نسر، فاستحقر الأبعار واختار النسور، فلما لم يبق غير السابع قال ابن أخ له‏:‏ ياعمِّ ما بقي من عمرك إلا عمر هذا‏؟‏ فقال لقمان‏:‏ هذا لبد، ولبد بلسانهم الدهر، فلما انقضى عمر لبد رآه لقمان واقِعاً، فناداه‏:‏ انْهَضْ لُبَد، فذهب لينهض فلم يستطِعْ، فسقط ومات، ومات لقمان معه، فضرب به المثل، فقيل‏:‏ طال الأبد على لبد، وأتى أبَد على لُبَد‏.‏

2266- أَطِرِّى فإِنَّكِ نَاعِلَةٌ‏.‏

الإطرار‏:‏ أن تركب طُرَرَ الطريق، وهي نواحيه، وقال ابن السكيت‏:‏ معناه أَدلِّى، وقال أبو عبيد‏:‏ معناه ارْكَبِ الأمْرَ الشديدَ فإنك قويّ عليه، قال‏:‏ وأصلُه أن رجلا قال لراعية كانت له ترعى في السهولة وتَدَعُ الحزونة‏:‏ أَطِرَّى، أي خُذِي طُرَرَ الوادي وهي نواحيه، فإن عليك نَعْلَين، قال‏:‏ أحسبُه عني بالنعلين غِلَظَ جلد قَدَمَيْهَا‏.‏

يضرب لمن يؤمر بارتكاب الأمر الشديد لاقتداره عليه‏.‏

ويستوي فيه خطابُ المذكر والمؤنث والجمع والاثنين على لفظ التأنيث، كذا قاله المبرد وابن السكيت‏.‏

وقال قوم ‏"‏أَظِرِّى‏"‏بالظاء المعجمة، أي اركبي الظرَرَ، وهو الْحَجَرُ المحدَّدُ، والجمع ظِرَّانٌ، ويصعب المَشْيُ عليها، قال الشاعر‏:‏

يفرقُ ظِرَّانَ اَلحْصَى بمَنَاسِمٍ * صِلاَبِ العجى مَلْثُومُهَا غَيْرُ أَمْعَرَا

2267- اطْرُقِي وَمِيشِي‏.‏

الطَّرْقُ‏:‏ ضربُ الصوف بالمِطْرَقَة، والمَيْشُ‏:‏ خَلْط الشعر بالصوف، قال رؤبة‏:‏

عَاذِلَ قَدْ أولِعْتِ بالتَّرْقِيشِ * إلَيَّ سِرَّاً فَاطْرقُي وَمِيشِي

أراد ‏"‏يا عاذلة‏"‏ فحذف التاء للترخيم، وحذف حرف النداء، وذلك لا يجوز إلا في الأسماء الأعلام، وأما قولهم‏:‏ ‏"‏ صاح‏"‏ و‏"‏عاذل‏"‏ فإنما حذف يا منهما، لكثرة الاستعمال ولعلم المخاطب، والترقيش‏:‏ التزيين ونصب ‏"‏سِرّاً‏"‏ على التمييز، وتقديره‏:‏ أولِعْتِ بترقيشِ سِرٍّ، بإضافة المصدر إلى المفعول، لكنه فَكَّ الإضافة بإدخال الألف واللام فخرج سر مميزاً، ويجوز أن يكون نصباً على الحال، أي بالترقيش المُسرِّ إليَّ، ‏[‏ص 431‏]‏ فلما قطع منه الألف واللام نصب على القطع‏.‏

يضرب لمن يَخْلِطُ في كلامه بين خطأ وصواب ‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ المَيْشُ أن تخلط صوفاً حديثاً بنكث صوف عتيق ثم تطرقه، أي تندفه، قال‏:‏ يُضْرَبُ في المزاوِلِ ما لا يَتَّجِه له‏.‏

2268- أَطْعَمَتْكَ يَدٌ شَبِعَتْ ثُمَّ جَاعَتْ، وَلاَ أَطْعَمَتْكَ يَدٌ جَاعَتْ ثُمَّ شَبِعَتْ‏.‏

قال الشرقي‏:‏ أولُ مَنْ قاله امرأة قال لها ابنها‏:‏ إني أَخْرُجُ فأطلبُ من فضل الله، فدَعَتْ له بهذا، وزعموا أن الْحُرَقَةَ بنت النعمان بن المنذر - واسْمُها هند، وهي صاحبة الدَّيْر - أتاها عبيد الله بن زياد فسألَهَا عما أدركَتْ ورأتْ، فأخبرته، ثم قالت‏:‏ كنا مَغْبُوطِين فأصبحنا مَرْحُومين، فأمر لها بوَسْقٍ من طعام ومائةِ دينارٍ، فقالت‏:‏ أطعمتك يَدٌ شبعي فجاعت لا يد جَوْعَى فشبعت‏.‏

2269- طَارَ بَاْسٍت فَزِعَةٍ‏.‏

يضرب للرجل يُفْلت فَزَعاً بعد ما كاد يقع‏.‏

2270- طَلَبَ الأبْلَقَ الْعَقُوقَ‏.‏

يقال‏:‏ أعَقّتِ الفرسُ فهي عَقُوق، ولا يقال مُعِقٌّ، وذلك إذا حَمَلَتْ، والأبلق لا يحمل، قال رجل لمعاوية‏:‏ افْرِضْ لي، قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ ولولَدِي، قال‏:‏ لا، قال‏:‏ ولعشيرتي، فتمثل معاوية بهذا البيت‏:‏

طَلَبَ الأبْلَقَ الْعَقُوقَ فَلَمَّا * لم يَجِدْهُ أَرَادَ بَيْضَ الأنُوقِ

يضرب لما لا يكون ولا يوجد‏.‏

2271- أَطْعِمْ أَخَاكَ منْ عَقَنْقَلِ الضَّبّ إِنَّكَ إنْ تَمْنَعْ أَخَاكَ يَغْضَبِ‏.‏

عقنقل الضب‏:‏ كرشُهُ وهو مِعًي من أمعائه فيه جميع ما يأكله‏.‏

يضرب مثلاً في المواساة‏.‏

2272- أَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ‏.‏

يعني الحيَّةَ‏.‏

يضرب للمفكِّرِ الداهي في الأمور ‏.‏

قال المتلمس‏:‏

وأطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاع، ولَوْ رَأَى * مَسَاغَاً لنَابَيْهِ الشُّجَاعُ لَصَمّمَا

2273- أَطْرِقْ كَرَا إِنَّ النَّعَامةَ فِي الْقُرَى‏.‏

يقال‏:‏ الكَرَا الكَرَوَان نفسُه، ويقال‏:‏ إنه مُرَخَّمُ الكروان، وجمع الكَرَوَان‏:‏ كِرْوَان ومثله فرس صَلَتان، وهو النَّشِيط ‏[‏ص 432‏]‏ وصَمَيَان وهو الصُّلْبُ والجمع صِلْتَان وصِمْيَان ورجل غَذَيان أي نشيط والجمع غِذْيان أيضاً، وكذلك الوَرَشَان وجمعه وِرْشَان، قال الخليل‏:‏ الكَرَا الذكر من الكِرْوَان، ويقال له‏:‏ أطْرِقْ كَرَا، إنك لن ترى، قال‏:‏ يصيدونه بهذه الكلمة، فإذا سمعها يلبد في الأرض، فيُلْقَى عليه ثوبٌ فَيُصَاد، وقال أبو الهيثم‏:‏ هو طائر شبيه البطَّة لا ينام بالليل، فسمى بضده من الكَرَى، قال‏:‏ ويقال للواحدة كَرَوَانة، وللجمع الكِرْوَان والكَرَى‏.‏

يضرب للذي ليس عنده غَنَاء، ويتكلم فيقال له‏:‏ اسكت وتَوَّق انتشار ما تلفظ به كراهة ما يتعقبه‏.‏

وقولهم‏:‏ ‏"‏إن النعامة في القرى‏"‏ أي تأتيك فتدوسُكَ بأخفافها‏.‏

ويقال أيضاً‏:‏

2274- أَطْرِقْ كَرَا يُحْلَبْ لَكَ‏.‏

يضرب للأحمق تمنِّيه الباطلَ فيصدّق ‏.‏

2275- طَارَتْ عَصَافِيرُ رَأسِهِ‏.‏

يضرب للمَذْعُور أي كأنما كانت على رأيه عصافير عند سكونه، فلما ذُعِرَ طارت‏.‏